منتدى البينة الاسلامي
السلام عليكم
أهلا بك أيها الزائر الكريم في منتدى البينة الاسلامي
نتمنى ان تكون في تمام الصحة والعافية
معنا تقضي اطيب الاوقات باذن الله

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى البينة الاسلامي
السلام عليكم
أهلا بك أيها الزائر الكريم في منتدى البينة الاسلامي
نتمنى ان تكون في تمام الصحة والعافية
معنا تقضي اطيب الاوقات باذن الله
منتدى البينة الاسلامي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» عشر ساعات من الموسيقى الهادئة
شرح الورقات في أصول الفقه  Icon_minitime1السبت 19 سبتمبر 2020 - 15:12 من طرف Admin

» عالم البحار sea world life
شرح الورقات في أصول الفقه  Icon_minitime1الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 8:30 من طرف Admin

» الحياة في البرية
شرح الورقات في أصول الفقه  Icon_minitime1الأربعاء 2 سبتمبر 2020 - 8:12 من طرف Admin

» جولة في النرويج
شرح الورقات في أصول الفقه  Icon_minitime1الثلاثاء 1 سبتمبر 2020 - 19:17 من طرف Admin

» جولة في اسطمبول
شرح الورقات في أصول الفقه  Icon_minitime1الثلاثاء 25 أغسطس 2020 - 12:09 من طرف Admin

» أكواريوم aquarium
شرح الورقات في أصول الفقه  Icon_minitime1السبت 22 أغسطس 2020 - 16:54 من طرف Admin

» سورة الملك
شرح الورقات في أصول الفقه  Icon_minitime1الخميس 6 أغسطس 2020 - 19:27 من طرف Admin

» الحكم على دنيا باطما بالسجن في قضية حمزة مون بيبي اليوم
شرح الورقات في أصول الفقه  Icon_minitime1الأربعاء 29 يوليو 2020 - 20:35 من طرف Admin

» منع السفر من و إلى عدة مدن مغربية قبل عيد الأضحى بسبب كورونا
شرح الورقات في أصول الفقه  Icon_minitime1الأحد 26 يوليو 2020 - 20:35 من طرف Admin

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط البينة على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى البينة الاسلامي على موقع حفض الصفحات

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 


.facebook
مشاركة
شرح الورقات في أصول الفقه  IslamStory_170X60_1
اوقات الصلاة بالرباط
لعبة الصور المتشابهة

شرح الورقات في أصول الفقه

اذهب الى الأسفل

شرح الورقات في أصول الفقه  Empty شرح الورقات في أصول الفقه

مُساهمة من طرف Admin الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 16:39

شرح الورقات في أصول الفقه [4]
باب النسخ وتعريفه
أنواع النسخ
أنواع النسخ باعتبار الناسخ
التعارض بين الأدلة
الإجماع وتعريفه
حجية قول الصحابي
الأخبار
العنعنة في الأسانيد
مراتب التحمل

[/u]
عقد المصنف باباً للنسخ، لتعريفه، وبيان أقسامه، وألحق به باباً في التعارض بين الأدلة، وكيف يجمع بينها، ثم عقد باب الإجماع وعرفه وذكر بعض شروطه، وأتبعه بمسألة: هل قول الصحابي حجة على غيره؟ وشرع في باب الأخبار، وعرف الخبر، وذكر أقسامه.

باب النسخ وتعريفه


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد قال المصنف: [النسخ] عقد هذا الباب لبيان النسخ وذكر أقسامه، والنسخ معناه في اللغة: الإزالة، فيقال: نسخت الرياح الأثر، إذا أزالته وغيرته، ويقال: نسخت الشمس الظل؛ إذا أزالته. ويطلق أيضاً على النقل، فيقال: نسخ الكتاب إذا نقله، فهذا معناه في اللغة. وأما معناه في الاصطلاح: فهو تغيير الحكم الشرعي بخطاب متراخ عنه. والمقصود بالحكم الشرعي: ما كان خطاباً أيضاً، فلا تنسخ البراءة الأصلية ولا ينسخ بها؛ لأن الأحكام كلها إنما نزلت على براءة أصلية سابقة لها، فلو اعتبر ذلك نسخاً لكانت الأحكام كلها ناسخة لأمر قد سبق، وهو البراءة الأصلية وعدم التكليف، ولا ينسخ أيضاً إلا بالخطاب، فلا نسخ بالقياس، ولا بالاجتهاد، ولا بالإجماع، وإنما يحصل النسخ بالوحي المنزل. قال المصنف: [وأما النسخ فمعناه لغة: الإزالة] يقال: نسخت الشمس الظل؛ إذا أزالته، [وقيل: معناه النقل، من قولهم نسخت ما في هذا الكتاب أي: نقلته] وحكايته للخلاف في هذا لا وجه لها، بل هو في اللغة يطلق على هذين المعنيين وعلى التغيير، قال: [وحده -أي: تعريفه- هو الخطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه، لولاه لكان ثابتاً مع تراخيه عنه]، وهذا تعريف للناسخ لا للنسخ، فالخطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم هو الناسخ، فلو قال: هو رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم على وجه لولاه لكان ثابتاً مع تراخي الرفع أو تراخي الخطاب عنه، لكان ذلك تعريفاً للنسخ، والمقصود برفع الحكم: إزالته وتغييره، والحكم هنا المقصود به: الحكم الشرعي فقط. قوله: [الثابت بالخطاب]، أي: الذي أنزل به وحي. [المتقدم] فالمتقدم لا ينسخ المتأخر. [على وجه لولاه لكان ثابتاً]، أي: لولا ذلك الوجه لكان الحكم ثابتاً. [مع تراخيه عنه] أي: تأخره عنه، فلو جاء متصلاً به لاعتبر ذلك تخصيصاً ولم يعتبر نسخاً، وهذا التراخي ليس له مدة محددة، بل قد يحصل بالقرب، كما حصل في قصة الصدقة بين يدي النجوى، فإن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [المجادلة:12-13]، فنسخ ذلك الحكم على القرب، وذلك بفضل الله ورحمته، وقد نسخ قبل التمكن من الفعل، فدل ذلك على جواز النسخ قبل التمكن من الفعل. ......

أنواع النسخ


النسخ إلى بدل وإلى غير بدل


ثم قال: [والنسخ إلى بدل وإلى غير بدل]، أي: يجوز النسخ إلى بدل، بأن تنزل آية أخرى بدل تلك، أو حكم آخر بدل الحكم الذي نسخ، ويجوز النسخ إلى غير بدل، أي: بالإحالة إلى ما كان من البراءة الأصلية، وهذا محل خلاف بين الأصوليين، فقد ذهب جمهورهم إلى أن النسخ لا يكون إلا إلى بدل؛ لأن الله تعالى يقول: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [البقرة:106] ، فلا بد من البدل الذي هو خير أو مثل للمنسوخ، والآخرون يقولون: البراءة بدل وهو خير أو مثل؛ لأن الله كان تعبدنا بذلك الحكم ثم لما نسخه تعبدنا بالإباحة فيه، فكان ذلك إلى غير بدل، وحمل عليه نسخ الصدقة بين يدي نجوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: هي من النسخ إلى غير بدل، وقيل: بل ذكر البدل وهو: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة؛ لأنه قال: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [المجادلة:13] فذلك من النسخ إلى بدل

النسخ إلى ما هو أغلظ وإلى ما هو أخف


قال المصنف: [وإلى ما هو أغلط، وإلى ما هو أخف] أي: يجوز النسخ إلى ما هو أغلط بالزيادة في الحكم، أو إلى ما هو أخف بالأسهل، وهذا أيضاً محل خلاف بين الأصوليين، فذهب بعضهم إلى: أن النسخ لا يكون إلا بالأسهل؛ لأن الله تعالى يقول: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [البقرة:106] فالأسهل هو الخير أو المماثل، وأما الأشد فلا يكون كذلك، والذين يرون صحة النسخ بالأغلظ والأشد، يقولون: الأشد خير من المنسوخ؛ لأنه أكثر منه أجراً، وقد عرف النسخ بالأخف مثل قوله تعالى: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ [الأنفال:65] ، فنسخ بقوله:: الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [الأنفال:66] ، فكان ذلك تخفيفاً، وأما النسخ بالأغلظ، فمثله ما ورد من التحريم بعد الإباحة: كتحريم لحوم الحمر الأهلية بعد إباحتها، وذلك مما تكرر فيه النسخ، فقد تكرر النسخ في أربع مسائل وهي: 1- القبلة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة يصلي إلى البيت الحرام، ثم لما هاجر صلى إلى الشام سبعة عشر شهراً، ثم نسخت القبلة فأعيدت إلى البيت الحرام. 2- وكذلك منها متعة النكاح، فقد حرمت بإعلان رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عنها، ثم أذن فيها في بعض الغزوات، ثم حرمها وبقيت على التحريم. 3- ومثل ذلك: الحمر الأهلية، فقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلها، ثم في إحدى الغزوات أذن بأكلها لجوع الناس، ثم بعد ذلك حرمها فاستمرت على التحريم. 4- ومثل ذلك: الوضوء مما مست النار، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ مما مست النار، ثم ترك الوضوء من ذلك، وكان آخر الأمرين منه ترك الوضوء مما مست النار. وهذه الأربع هي التي نظمها الحافظ ابن حجر رحمه الله بقوله: النسخ ذو تكرر في أربع جاءت بها الكتب والأخبار في قبلة ومتعة وحمر كذا الوضو مما تمس النار

نسخ اللفظ وبقاء الحكم

قال المصنف: [ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم]. يقصد: أن أقسام النسخ منها: نسخ اللفظ وبقاء حكمه، كآية الرجم التي كانت في سورة الأحزاب، وهي: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله)، وكانت هذه الآية ثابتة في سورة الأحزاب، فنسخ لفظها وبقي حكمها، وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم خمسة أشخاص، وهم اليهوديان، وماعز، والغامدية، وصاحبة العسيف، وكذلك عمل به خلفاؤه الراشدون فقد رجم عمر رضي الله عنه امرأتين، ورجم عثمان كذلك امرأة، ورجم علي بن أبي طالب رضي الله عنه شراحة، فكل هؤلاء رجموا بهذه الآية التي نسخ لفظها وبقي حكمها، لهذا قال: [ويجوز نسخ الرسم] والمقصود به: المكتوب والمقروء، أي: اللفظ، [وبقاء الحكم]، أي: بقاء حكم ذلك اللفظ الذي نسخ.

نسخ الحكم وبقاء الرسم


قال: [ونسخ الحكم وبقاء الرسم] أي: يجوز أيضاً أن ينسخ الحكم ويبقى اللفظ متلواً فيما يتلى من القرآن، كقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] ، فهذه الآية بقي لفظها ونسخ حكمها، بالآية التي قبلها في رسم المصحف، وهي متأخرة عنها في النزول، وهي وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] ، وكذلك قول الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:180] ، فقد نسخ هذا الحكم، وبقي اللفظ مما يتلى، ومثل ذلك: قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ [الأنفال:65] ، فقد نسخت هذه الآية بالآية التي بعدها وهي قول الله تعالى: الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ [الأنفال:65-66]، فهذه الآية ناسخة لسابقتها، وقد أثبتت سابقتها في الرسم، وبقيت مما يتعبد بتلاوته، لكن لا يعمل بحكمها، فالحكم قد نسخ.


أنواع النسخ باعتبار الناسخ

قال المصنف: [ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب، ونسخ السنة بالكتاب وبالسنة]. ذكر المصنف أنواع النسخ باعتبار الناسخ، فالناسخ: إما كتاب وإما سنة، والمنسوخ في كل واحد منهما: إما كتاب وإما سنة، ومذهب الشافعي أن الكتاب لا ينسخ بالسنة، وأن السنة لا تنسخ بالكتاب، ومذهب الجمهور حصول النسخ بينهما.......

نسخ الكتاب بالكتاب


فيجوز نسخ الكتاب بالكتاب بالاتفاق، مثلما ذكر في آيتي العدة وآيتي العدد في الغزو، فآية العدة جاء فيها قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا [البقرة:240] ، ونسخ ذلك بقوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] ، وآيتا العدد جاء فيهما قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:65-66].

نسخ الكتاب بالسنة


ويجوز كذلك نسخ الكتاب بالسنة على الراجح، مثل قول الله تعالى : كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:180] ، فقد نسخ ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث).

نسخ السنة بالكتاب


وكذلك نسخ السنة بالكتاب، ومثاله: نسخ استقبال الشام في الصلاة بقول الله تعالى: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة:144]. فهذا الكتاب ناسخ للسنة.

نسخ السنة بالسنة


ونسخ السنة بالسنة كثير، كقوله صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها؛ فإنها تذكركم الآخرة)، وكقوله في لحوم الأضاحي في النهي عن ادخارها ثلاثاً: (إنما كنت نهيتكم من أجل الدافة) ونحو ذلك.



جواز نسخ المتواتر بالمتواتر


قال: [ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب ونسخ السنة بالكتاب وبالسنة، ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر]، أي: يجوز نسخ الكتاب بالمتواتر من السنة، والواقع أن التواتر وصف طارئ، لأنه يتعلق بالنقل لا بالنزول، فالمقصود أن ما لم ينقل متواتراً بالسنة لا يمكن أن ينسخ به الكتاب عند طائفة من المتكلمين، ولكن العبرة هنا بالصحة، فإذا صح النقل -ولو لم يصل إلى حد التواتر- فذلك كاف في النسخ، لأن التواتر وصف طارئ بعد نزول الوحي، فهو متعلق بروايته لا بنزوله.

جواز نسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر


قال: [ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر] أي: أن الآحاد كذلك يمكن اعتبار النسخ فيها بالمتواتر قطعاً، كأحاديث الآحاد تنسخ بمتواتر القرآن ومتواتر السنة، وتنسخ الآحاد بالآحاد؛ لأنها في منزلتها.


أعلى الصفحة

عدم جواز نسخ المتواتر بالآحاد


ولا ينسخ المتواتر بالآحاد؛ لأنهما ليسا في منزلة واحدة، والناسخ لا يكون أضعف من المنسوخ، لكن هذا كما ذكرنا مستغنى عنه؛ لأن التواتر والآحاد راجعان إلى النقل، والنقل متأخر عن النزول، فلا يجوز نسخ الكتاب بالسنة، وهذا هو مذهب الشافعي ، ومذهب جمهور الأصوليين جواز ذلك، وقد بينا مثاله في قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ [البقرة:180] . قال المصنف: [ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد ]، كذلك لا يجوز نسخ المتواتر من السنة بالآحاد، وهذا قول لبعض أهل العلم، وقد بينا أنه إذا ثبت النقل فذلك كاف؛ لأن الشيء ينسخ بمثله وبما هو أقوى منه، أي: لا ينسخ بما هو أضعف منه.


أعلى الصفحة

حكمة النسخ


وللنسخ حكم منها: التدرج في التشريع، فإن الشارع الحكيم يراعي مصالح عباده، فلو أنزل الأحكام بَاتَّةً على الوجه الذي تستقر عليه، دون تدرج ومرور بتلك المراحل، لكان ذلك أدعى لعدم الاستجابة، فكان من لطفه وحكمته أن ينزل الأحكام متدرجة، وأن يحصل فيها النسخ. وهذا النوع من النسخ من خصائص هذه الشريعة المحمدية، فالشرائع قبلها كانت تُنَزَّل دفعة واحدة، وتُفسخ دفعة واحدة، فقد آتى الله موسى التوراةَ مكتوبة في الألواح، وأنزل الصحف على إبراهيم، وأنزل الإنجيل على عيسى مكتوباً في الصحف، وأنزل الزبور على داود مكتوباً في الصحف، ولهذا استنكر المشركون تدرج نزول القرآن، فرد الله عليهم بقوله: وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا [الإسراء:106] ، وقال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا * وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا [الفرقان:32-33].


أعلى الصفحة

التعارض بين الأدلة


Real Palyer الاستماع بواسطة


هذا الباب معقود للتعارض بين الأدلة.......

التعارض بين دليلين أحدهما أعم والآخر أخص


وللخروج من التعارض طرق: أولاً: أن يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين فيجمع بينهما حينئذ، ومثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما إهاب دبغ فقد طهر)، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عكيم (أنه كتب إليهم قبل موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)، فجمع بينهما أن الإهاب اسم لما لم يدبغ، فيحمل حديث ابن عكيم على ما لم يدبغ، وحديث ابن عباس على ما دبغ، فيكون ما دبغ قد طهر، وما لم يدبغ باق على النهي، ومحل هذا عند صحة حديث ابن عكيم والراجح فيه عدم الصحة. ثانياً: أن يجعل أحدهما ناسخاً للآخر إذا علم التاريخ، ومثال ذلك: قول الله تعالى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ [البقرة:184] ، فقوله: (فمن تطوع خيراً فهو خير له)، يدل على التخيير بين الصوم والفطر في السفر، فإنه قال: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184] وهذا يقتضي ترجيح الصيام على الإفطار، فحينئذ يُجعل الثاني ناسخاً، أي: أن الصيام أفضل لمن لا يشق عليه. ثالثاً: وإن لم يُعلم التاريخ، يُتوقف بينهما، وقد حُمل على هذا حديث بسرة بنت صفوان، (من مس ذكره فليتوضأ)، وحديث طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره أعليه الوضوء، قال: (لا، إنما هو بضعة منك)، فهذان الحديثان تعارضا، ولم يعرف التاريخ بينهما، لم يعرف أيهما السابق، فيتوقف بينهما، وعند الحنفية يرجح حديث طلق بن علي عن حديث بسرة بنت صفوان ؛ لأن هذا من أحكام الرجال، ولم يروه أحد من الرجال، فلا يؤخذ برواية المرأة له، وعند الجمهور يرجح باعتبار قوة الإسناد، وحديث بسرة لا شك أقوى إسناداً من حديث طلق بن علي، وأيضاً فإن العمل بالاحتياط؛ للخروج من الخلاف وبإعمال الدليل، مرجح لحديث بسرة على حديث طلق، هذا إذا كان الدليلان عامين. أما إذا كان الدليلان خاصين فللخروج من التعارض بينهما طرق: الطريق الأولى: الجمع بينهما، كما في حديث جابر، في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم (أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم النحر بمكة)، وفي حديث ابن عمر أنه صلى الظهر بمنى، فهذان الحديثان تعارضا وهما خاصان، فجمع بينهما النووي بقوله: ووجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وسلم طاف للإفاضة قبل الزوال، ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك، ولكن قد يحمل هذا على أن أحدهما نسي وأن الآخر ذكر، وأن الأمر جائز، إذ لو كان الأمر مما يطلب فيه الحسم لجاء فيه نص حاسم. والطريق الثاني: إن لم يمكن الجمع بينهما فالثاني ناسخ إن علم التاريخ، مثل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ [الأحزاب:50] ، فظاهر هذا إباحة الزواج للنبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً دون انحصار في عدد محدد، ثم أنزل قول الله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا [الأحزاب:52] ، وقد علم أن هذه الآية نزل بها جبر يل بعد أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم بـميمونة بنت الحارث، وهي آخر امرأة تزوجها، فعلم أن هذه الآية ناسخة لسابقتها، ومع ذلك ففي حديث عائشة أنه ما توفي حتى أحل الله له كل شيء كان حرمه عليه في النكاح، فيدل ذلك أيضاً على أن هذه الآية نسخت. والطريق الثالث: إذا لم يمكن النسخ فالترجيح، مثل حديث ميمونة بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال، وفي حديث ابن أختها عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم، فـميمونة صاحبة القصة مقدمة في الرواية على ابن عباس ، وأيضاً يشهد لحديث ميمونة حديث أبي رافع ، فإنه أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، قال وكنت السفير بينهما، فهو صاحب القصة أيضاً؛ لأنه السفير بينهما، فهو مقدم في الرواية على ابن عباس، ويرجح أيضاً بكثرة العدد في الرواية، فكونه تزوجها وهو حلال روته ميمونة وأبو رافع، وكونه تزوجها وهو محرم انفرد به ابن عباس . أما الحالة الثالثة من أوجه التعارض فهي أن يكون بين دليلين، أحدهما عام والآخر خاص: فيُخصص العام بالخاص، وذلك مثل قول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] فعمم كلَّ سارق وكل سارقة، وخصص ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعداً)، وبقوله: (لا قطع في ثَمَر ولا كَثَر)، وكذلك قوله: (حتى يؤويه الجرين)، وكذلك قوله: (ولا في حريسة الجبل). وكل هذا يدل على تخصيص السرقة بالنصاب وأن يكون مما لا شبهة للسارق فيه، وأن يكون محرزاً بحرز جنسه، فتعتبر هذه الأحاديث مخصصة لعموم الآية. أما الحالة الرابعة: وهي أن يكون التعارض بين دليلين أحدهما أعم من الآخر من وجه، والآخر أخص من الآخر من وجه فيجمع بينهما باختلاف المحل، بأن يخصص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر، إن دل على ذلك دليل، ومثاله قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] ، فهذه الآية عامة في المتوفى عنها، فيشمل ذلك الحامل وغير الحامل وهي كذلك خاصة بالمتوفى عنها فتخرج المطلقة، والآية الثانية: (( وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ )) فهذه الآية خاصة بالحوامل وعامة في كل ذات فرقة سواء كانت متوفى عنها أو مطلقة، فالعمومان يخصصان بالخصوصين، فيخصص قوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] بأن ذلك في غير الحوامل، أو يخصص بأن ذلك في الطلاق دون الوفاة، وهذه المسألة فيها خلاف على ثلاثة أقوال، فقيل: تعتد بأربعة أشهر وعشراً أي: بعدة المتوفى عنها مطلقاً، وقيل: تعتد بوضع الحمل، وقيل: بأقصى الأجلين.

التعارض بين دليلين أحدهما عام والآخر خاص


وللخروج من التعارض طرق: أولاً: أن يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين فيجمع بينهما حينئذ، ومثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما إهاب دبغ فقد طهر)، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عكيم (أنه كتب إليهم قبل موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)، فجمع بينهما أن الإهاب اسم لما لم يدبغ، فيحمل حديث ابن عكيم على ما لم يدبغ، وحديث ابن عباس على ما دبغ، فيكون ما دبغ قد طهر، وما لم يدبغ باق على النهي، ومحل هذا عند صحة حديث ابن عكيم والراجح فيه عدم الصحة. ثانياً: أن يجعل أحدهما ناسخاً للآخر إذا علم التاريخ، ومثال ذلك: قول الله تعالى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ [البقرة:184] ، فقوله: (فمن تطوع خيراً فهو خير له)، يدل على التخيير بين الصوم والفطر في السفر، فإنه قال: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184] وهذا يقتضي ترجيح الصيام على الإفطار، فحينئذ يُجعل الثاني ناسخاً، أي: أن الصيام أفضل لمن لا يشق عليه. ثالثاً: وإن لم يُعلم التاريخ، يُتوقف بينهما، وقد حُمل على هذا حديث بسرة بنت صفوان، (من مس ذكره فليتوضأ)، وحديث طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره أعليه الوضوء، قال: (لا، إنما هو بضعة منك)، فهذان الحديثان تعارضا، ولم يعرف التاريخ بينهما، لم يعرف أيهما السابق، فيتوقف بينهما، وعند الحنفية يرجح حديث طلق بن علي عن حديث بسرة بنت صفوان ؛ لأن هذا من أحكام الرجال، ولم يروه أحد من الرجال، فلا يؤخذ برواية المرأة له، وعند الجمهور يرجح باعتبار قوة الإسناد، وحديث بسرة لا شك أقوى إسناداً من حديث طلق بن علي، وأيضاً فإن العمل بالاحتياط؛ للخروج من الخلاف وبإعمال الدليل، مرجح لحديث بسرة على حديث طلق، هذا إذا كان الدليلان عامين. أما إذا كان الدليلان خاصين فللخروج من التعارض بينهما طرق: الطريق الأولى: الجمع بينهما، كما في حديث جابر، في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم (أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم النحر بمكة)، وفي حديث ابن عمر أنه صلى الظهر بمنى، فهذان الحديثان تعارضا وهما خاصان، فجمع بينهما النووي بقوله: ووجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وسلم طاف للإفاضة قبل الزوال، ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك، ولكن قد يحمل هذا على أن أحدهما نسي وأن الآخر ذكر، وأن الأمر جائز، إذ لو كان الأمر مما يطلب فيه الحسم لجاء فيه نص حاسم. والطريق الثاني: إن لم يمكن الجمع بينهما فالثاني ناسخ إن علم التاريخ، مثل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ [الأحزاب:50] ، فظاهر هذا إباحة الزواج للنبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً دون انحصار في عدد محدد، ثم أنزل قول الله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا [الأحزاب:52] ، وقد علم أن هذه الآية نزل بها جبر يل بعد أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم بـميمونة بنت الحارث، وهي آخر امرأة تزوجها، فعلم أن هذه الآية ناسخة لسابقتها، ومع ذلك ففي حديث عائشة أنه ما توفي حتى أحل الله له كل شيء كان حرمه عليه في النكاح، فيدل ذلك أيضاً على أن هذه الآية نسخت. والطريق الثالث: إذا لم يمكن النسخ فالترجيح، مثل حديث ميمونة بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال، وفي حديث ابن أختها عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم، فـميمونة صاحبة القصة مقدمة في الرواية على ابن عباس ، وأيضاً يشهد لحديث ميمونة حديث أبي رافع ، فإنه أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، قال وكنت السفير بينهما، فهو صاحب القصة أيضاً؛ لأنه السفير بينهما، فهو مقدم في الرواية على ابن عباس، ويرجح أيضاً بكثرة العدد في الرواية، فكونه تزوجها وهو حلال روته ميمونة وأبو رافع، وكونه تزوجها وهو محرم انفرد به ابن عباس . أما الحالة الثالثة من أوجه التعارض فهي أن يكون بين دليلين، أحدهما عام والآخر خاص: فيُخصص العام بالخاص، وذلك مثل قول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] فعمم كلَّ سارق وكل سارقة، وخصص ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعداً)، وبقوله: (لا قطع في ثَمَر ولا كَثَر)، وكذلك قوله: (حتى يؤويه الجرين)، وكذلك قوله: (ولا في حريسة الجبل). وكل هذا يدل على تخصيص السرقة بالنصاب وأن يكون مما لا شبهة للسارق فيه، وأن يكون محرزاً بحرز جنسه، فتعتبر هذه الأحاديث مخصصة لعموم الآية. أما الحالة الرابعة: وهي أن يكون التعارض بين دليلين أحدهما أعم من الآخر من وجه، والآخر أخص من الآخر من وجه فيجمع بينهما باختلاف المحل، بأن يخصص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر، إن دل على ذلك دليل، ومثاله قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] ، فهذه الآية عامة في المتوفى عنها، فيشمل ذلك الحامل وغير الحامل وهي كذلك خاصة بالمتوفى عنها فتخرج المطلقة، والآية الثانية: (( وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ )) فهذه الآية خاصة بالحوامل وعامة في كل ذات فرقة سواء كانت متوفى عنها أو مطلقة، فالعمومان يخصصان بالخصوصين، فيخصص قوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] بأن ذلك في غير الحوامل، أو يخصص بأن ذلك في الطلاق دون الوفاة، وهذه المسألة فيها خلاف على ثلاثة أقوال، فقيل: تعتد بأربعة أشهر وعشراً أي: بعدة المتوفى عنها مطلقاً، وقيل: تعتد بوضع الحمل، وقيل: بأقصى الأجلين.


طرق الخروج من التعارض إذا كان الدليلان خاصين


وللخروج من التعارض طرق: أولاً: أن يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين فيجمع بينهما حينئذ، ومثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما إهاب دبغ فقد طهر)، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عكيم (أنه كتب إليهم قبل موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)، فجمع بينهما أن الإهاب اسم لما لم يدبغ، فيحمل حديث ابن عكيم على ما لم يدبغ، وحديث ابن عباس على ما دبغ، فيكون ما دبغ قد طهر، وما لم يدبغ باق على النهي، ومحل هذا عند صحة حديث ابن عكيم والراجح فيه عدم الصحة. ثانياً: أن يجعل أحدهما ناسخاً للآخر إذا علم التاريخ، ومثال ذلك: قول الله تعالى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ [البقرة:184] ، فقوله: (فمن تطوع خيراً فهو خير له)، يدل على التخيير بين الصوم والفطر في السفر، فإنه قال: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184] وهذا يقتضي ترجيح الصيام على الإفطار، فحينئذ يُجعل الثاني ناسخاً، أي: أن الصيام أفضل لمن لا يشق عليه. ثالثاً: وإن لم يُعلم التاريخ، يُتوقف بينهما، وقد حُمل على هذا حديث بسرة بنت صفوان، (من مس ذكره فليتوضأ)، وحديث طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره أعليه الوضوء، قال: (لا، إنما هو بضعة منك)، فهذان الحديثان تعارضا، ولم يعرف التاريخ بينهما، لم يعرف أيهما السابق، فيتوقف بينهما، وعند الحنفية يرجح حديث طلق بن علي عن حديث بسرة بنت صفوان ؛ لأن هذا من أحكام الرجال، ولم يروه أحد من الرجال، فلا يؤخذ برواية المرأة له، وعند الجمهور يرجح باعتبار قوة الإسناد، وحديث بسرة لا شك أقوى إسناداً من حديث طلق بن علي، وأيضاً فإن العمل بالاحتياط؛ للخروج من الخلاف وبإعمال الدليل، مرجح لحديث بسرة على حديث طلق، هذا إذا كان الدليلان عامين. أما إذا كان الدليلان خاصين فللخروج من التعارض بينهما طرق: الطريق الأولى: الجمع بينهما، كما في حديث جابر، في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم (أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم النحر بمكة)، وفي حديث ابن عمر أنه صلى الظهر بمنى، فهذان الحديثان تعارضا وهما خاصان، فجمع بينهما النووي بقوله: ووجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وسلم طاف للإفاضة قبل الزوال، ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك، ولكن قد يحمل هذا على أن أحدهما نسي وأن الآخر ذكر، وأن الأمر جائز، إذ لو كان الأمر مما يطلب فيه الحسم لجاء فيه نص حاسم. والطريق الثاني: إن لم يمكن الجمع بينهما فالثاني ناسخ إن علم التاريخ، مثل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ [الأحزاب:50] ، فظاهر هذا إباحة الزواج للنبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً دون انحصار في عدد محدد، ثم أنزل قول الله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا [الأحزاب:52] ، وقد علم أن هذه الآية نزل بها جبر يل بعد أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم بـميمونة بنت الحارث، وهي آخر امرأة تزوجها، فعلم أن هذه الآية ناسخة لسابقتها، ومع ذلك ففي حديث عائشة أنه ما توفي حتى أحل الله له كل شيء كان حرمه عليه في النكاح، فيدل ذلك أيضاً على أن هذه الآية نسخت. والطريق الثالث: إذا لم يمكن النسخ فالترجيح، مثل حديث ميمونة بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال، وفي حديث ابن أختها عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم، فـميمونة صاحبة القصة مقدمة في الرواية على ابن عباس ، وأيضاً يشهد لحديث ميمونة حديث أبي رافع ، فإنه أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، قال وكنت السفير بينهما، فهو صاحب القصة أيضاً؛ لأنه السفير بينهما، فهو مقدم في الرواية على ابن عباس، ويرجح أيضاً بكثرة العدد في الرواية، فكونه تزوجها وهو حلال روته ميمونة وأبو رافع، وكونه تزوجها وهو محرم انفرد به ابن عباس . أما الحالة الثالثة من أوجه التعارض فهي أن يكون بين دليلين، أحدهما عام والآخر خاص: فيُخصص العام بالخاص، وذلك مثل قول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] فعمم كلَّ سارق وكل سارقة، وخصص ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعداً)، وبقوله: (لا قطع في ثَمَر ولا كَثَر)، وكذلك قوله: (حتى يؤويه الجرين)، وكذلك قوله: (ولا في حريسة الجبل). وكل هذا يدل على تخصيص السرقة بالنصاب وأن يكون مما لا شبهة للسارق فيه، وأن يكون محرزاً بحرز جنسه، فتعتبر هذه الأحاديث مخصصة لعموم الآية. أما الحالة الرابعة: وهي أن يكون التعارض بين دليلين أحدهما أعم من الآخر من وجه، والآخر أخص من الآخر من وجه فيجمع بينهما باختلاف المحل، بأن يخصص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر، إن دل على ذلك دليل، ومثاله قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] ، فهذه الآية عامة في المتوفى عنها، فيشمل ذلك الحامل وغير الحامل وهي كذلك خاصة بالمتوفى عنها فتخرج المطلقة، والآية الثانية: (( وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ )) فهذه الآية خاصة بالحوامل وعامة في كل ذات فرقة سواء كانت متوفى عنها أو مطلقة، فالعمومان يخصصان بالخصوصين، فيخصص قوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] بأن ذلك في غير الحوامل، أو يخصص بأن ذلك في الطلاق دون الوفاة، وهذه المسألة فيها خلاف على ثلاثة أقوال، فقيل: تعتد بأربعة أشهر وعشراً أي: بعدة المتوفى عنها مطلقاً، وقيل: تعتد بوضع الحمل، وقيل: بأقصى الأجلين.


درجات التعارض


قال المصنف: [إذا تعارض نطقان]، والمقصود بهما ما كان من الوحي، كالآيتين مثلاً، أو الحديثين، أو الآية والحديث، فإذا تعارض نطقان. أي: نصان لفظيان، [فلا يخلو إما أن يكونا عامين، أو خاصين، أو أحدهما عاماً والآخر خاصاً، أو كل واحد منهما عاماً من وجه، وخاصاً من وجه]، هذا التقسيم يرجع إلى الدلالة، فإذا تعارض نطقان -أي: لفظان من الوحي- فلا يخلو الأمر من أن يكونا عامين، فكل واحد منهما عام في مكانه، وذلك مثل: (نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس)، وقوله: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، فكل واحد منهما عام في بابه، فالنهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر وصلاة العصر عام في هذا الباب في النوافل، والنهي عن الجلوس في المسجد حتى يصلي الإنسان ركعتين عام أيضاً. - أو أحدهما عاماً والآخر خاصاً، أي: أن يأتي أحدهما عاماً والآخر خاصاً، أي: أخص منه فيكون مخصصاً له، كالنهي عن بيع ما ليس لدى الإنسان، والإذن في السلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الإنسان ما ليس عنده، وأجاز السلم، فالأول عام في كل ما ليس لدى الإنسان، والثاني خاص بالسلم، فيحمل ذلك على التخصيص. - أو كل واحد منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه، وعليه يحمل ما سبق في النهي عن الصلاة بعد العصر، والنهي عن الجلوس في المسجد حتى يصلي الإنسان ركعتين، فيقال: هذا عام من وجه والآخر خاص من وجه، ويبحث عن الوجه الذي يعمم منه أحدهما أو يخصص منه الآخر.


التعارض بين دليلين عامين أو خاصين


قال المصنف: [فإن كانا عامين فأمكن الجمع بينهما جمعا]، إن كانا عامين وأمكن الجمع بينهما، جمع بينهما، فالجمع مقدم على الترجيح، قال: [وإن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ]، فإن علم التاريخ فالمتأخر منهما ناسخ للأول، وإن لم يعلم التاريخ توقف فيهما، أي: لعلمنا أن أحدهما منسوخ بالآخر، وجهالتنا بالناسخ. قال: [فإن علم التاريخ فينسخ المتقدم بالمتأخر، وكذلك إن كانا خاصين]، أيضاً فهو مثل العامين، إن أمكن الجمع بينهما جمعا، وإلا فإن عرف التاريخ حمل ذلك على النسخ، وإن لم يعرف التاريخ توقف بينهما؛ لأن ذلك من النسخ الذي لم يعرف فيه الناسخ من المنسوخ. قال: [وإن كان أحدهما عاماً والآخر خاصاً، فيخصص العام بالخاص] كما بينا، قال: [وإن كان أحدهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه فيخصص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر].

طرق الخروج من التعارض إذا كان الدليلان عامين


وللخروج من التعارض طرق: أولاً: أن يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين فيجمع بينهما حينئذ، ومثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما إهاب دبغ فقد طهر)، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عكيم (أنه كتب إليهم قبل موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)، فجمع بينهما أن الإهاب اسم لما لم يدبغ، فيحمل حديث ابن عكيم على ما لم يدبغ، وحديث ابن عباس على ما دبغ، فيكون ما دبغ قد طهر، وما لم يدبغ باق على النهي، ومحل هذا عند صحة حديث ابن عكيم والراجح فيه عدم الصحة. ثانياً: أن يجعل أحدهما ناسخاً للآخر إذا علم التاريخ، ومثال ذلك: قول الله تعالى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ [البقرة:184] ، فقوله: (فمن تطوع خيراً فهو خير له)، يدل على التخيير بين الصوم والفطر في السفر، فإنه قال: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184] وهذا يقتضي ترجيح الصيام على الإفطار، فحينئذ يُجعل الثاني ناسخاً، أي: أن الصيام أفضل لمن لا يشق عليه. ثالثاً: وإن لم يُعلم التاريخ، يُتوقف بينهما، وقد حُمل على هذا حديث بسرة بنت صفوان، (من مس ذكره فليتوضأ)، وحديث طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره أعليه الوضوء، قال: (لا، إنما هو بضعة منك)، فهذان الحديثان تعارضا، ولم يعرف التاريخ بينهما، لم يعرف أيهما السابق، فيتوقف بينهما، وعند الحنفية يرجح حديث طلق بن علي عن حديث بسرة بنت صفوان ؛ لأن هذا من أحكام الرجال، ولم يروه أحد من الرجال، فلا يؤخذ برواية المرأة له، وعند الجمهور يرجح باعتبار قوة الإسناد، وحديث بسرة لا شك أقوى إسناداً من حديث طلق بن علي، وأيضاً فإن العمل بالاحتياط؛ للخروج من الخلاف وبإعمال الدليل، مرجح لحديث بسرة على حديث طلق، هذا إذا كان الدليلان عامين. أما إذا كان الدليلان خاصين فللخروج من التعارض بينهما طرق: الطريق الأولى: الجمع بينهما، كما في حديث جابر، في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم (أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم النحر بمكة)، وفي حديث ابن عمر أنه صلى الظهر بمنى، فهذان الحديثان تعارضا وهما خاصان، فجمع بينهما النووي بقوله: ووجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وسلم طاف للإفاضة قبل الزوال، ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك، ولكن قد يحمل هذا على أن أحدهما نسي وأن الآخر ذكر، وأن الأمر جائز، إذ لو كان الأمر مما يطلب فيه الحسم لجاء فيه نص حاسم. والطريق الثاني: إن لم يمكن الجمع بينهما فالثاني ناسخ إن علم التاريخ، مثل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ [الأحزاب:50] ، فظاهر هذا إباحة الزواج للنبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً دون انحصار في عدد محدد، ثم أنزل قول الله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا [الأحزاب:52] ، وقد علم أن هذه الآية نزل بها جبر يل بعد أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم بـميمونة بنت الحارث، وهي آخر امرأة تزوجها، فعلم أن هذه الآية ناسخة لسابقتها، ومع ذلك ففي حديث عائشة أنه ما توفي حتى أحل الله له كل شيء كان حرمه عليه في النكاح، فيدل ذلك أيضاً على أن هذه الآية نسخت. والطريق الثالث: إذا لم يمكن النسخ فالترجيح، مثل حديث ميمونة بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال، وفي حديث ابن أختها عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم، فـميمونة صاحبة القصة مقدمة في الرواية على ابن عباس ، وأيضاً يشهد لحديث ميمونة حديث أبي رافع ، فإنه أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، قال وكنت السفير بينهما، فهو صاحب القصة أيضاً؛ لأنه السفير بينهما، فهو مقدم في الرواية على ابن عباس، ويرجح أيضاً بكثرة العدد في الرواية، فكونه تزوجها وهو حلال روته ميمونة وأبو رافع، وكونه تزوجها وهو محرم انفرد به ابن عباس . أما الحالة الثالثة من أوجه التعارض فهي أن يكون بين دليلين، أحدهما عام والآخر خاص: فيُخصص العام بالخاص، وذلك مثل قول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] فعمم كلَّ سارق وكل سارقة، وخصص ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعداً)، وبقوله: (لا قطع في ثَمَر ولا كَثَر)، وكذلك قوله: (حتى يؤويه الجرين)، وكذلك قوله: (ولا في حريسة الجبل). وكل هذا يدل على تخصيص السرقة بالنصاب وأن يكون مما لا شبهة للسارق فيه، وأن يكون محرزاً بحرز جنسه، فتعتبر هذه الأحاديث مخصصة لعموم الآية. أما الحالة الرابعة: وهي أن يكون التعارض بين دليلين أحدهما أعم من الآخر من وجه، والآخر أخص من الآخر من وجه فيجمع بينهما باختلاف المحل، بأن يخصص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر، إن دل على ذلك دليل، ومثاله قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] ، فهذه الآية عامة في المتوفى عنها، فيشمل ذلك الحامل وغير الحامل وهي كذلك خاصة بالمتوفى عنها فتخرج المطلقة، والآية الثانية: (( وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ )) فهذه الآية خاصة بالحوامل وعامة في كل ذات فرقة سواء كانت متوفى عنها أو مطلقة، فالعمومان يخصصان بالخصوصين، فيخصص قوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] بأن ذلك في غير الحوامل، أو يخصص بأن ذلك في الطلاق دون الوفاة، وهذه المسألة فيها خلاف على ثلاثة أقوال، فقيل: تعتد بأربعة أشهر وعشراً أي: بعدة المتوفى عنها مطلقاً، وقيل: تعتد بوضع الحمل، وقيل: بأقصى الأجلين.


أعلى الصفحة

تعريف التعارض


والتعارض: نوع من التخالف، يقتضي توارد الدليلين المختلفين على معنى واحد، بأن يرد أحدهما بالإثبات والآخر بالنفي.


أعلى الصفحة

بيان ما يمكن أن يقع فيه التعارض


وعقد المصنف هذا الباب لبيان ما يمكن منه وما لا يمكن، وللعمل عند حصوله، أو توهمه. فينبغي أن يبين أولاً: أن التعارض لا يمكن أن يحصل في الأخبار كما أن النسخ لا يقع فيها، فالنسخ مختص بالإنشاء لا بالخبر، والخبر لا يدخله النسخ؛ لأن نسخه تكذيب له، والوحي لا كذب فيه، وكذلك التعارض لا يقع في الأخبار؛ لأن ذلك تكذيب، وإنما يمكن التعارض في الإنشاءات، ولا تعارض بين قطعيين قطعاً؛ لأن ذلك يقتضي أن أحدهما ناسخ للآخر، ولا
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 1167
تاريخ التسجيل : 10/05/2010

https://albayina.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى