بحـث
مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط البينة على موقع حفض الصفحات
قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى البينة الاسلامي على موقع حفض الصفحات
اوقات الصلاة بالرباط
لعبة الصور المتشابهة
كيف ترقي نفسك واهلك من الحسد والعين
صفحة 1 من اصل 1
كيف ترقي نفسك واهلك من الحسد والعين
[size=21]بعد وقوع الضرر والأذى فيتقى شر العين بأمور هي :
أولاً : العلاج بالاغتسال إذا عُرف العائن وحُدد .
ثانيا : العلاج بالرقى والتعاويذ إذا لم يُعرف العائن .
ثالثاً : الـنُـشـرة
وسنتحدث عن كل من وسائل العلاج هذه بشيء من الايجاز ، فنقول :
أولاً : العلاج بالاغتسال إذا عُلم العائن وحُدد
علاج المعيون إذا أصيب بضرر أن يؤمر العائن إن كان معلوماً معروفاً
بالاغتسال له ، بكيفية معينة ، وأن يصب عليه الماء بطريقة خاصة سنبينها ،
فما دليل الاغتسال ؟ وما كيفيته ؟ وما الحكمة والعلة من ذلك ؟
* دليل اغتسال العائن للمعيون :
خرج مالك وغيره من أهل السنن عن ابن شهاب عن أبي أمامه بن سهل بن حنيف قال :
" رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل ، فقال : والله ما رأيت كاليوم ولا
جلد مخبأة عذراء ، قال : فلبط سهل فأتى رسول الله عامراً فتغيط عليه وقال : علام يقتل أحدكم أخاه ؟ ألا بركت ، اغتسل له ، فغسل له عامر .. " الحديث .
وفي رواية : " إن العين حق ، توضأ له ، فتوضأ له " .
وعن معمر عن ابن طاوس عن أبيه مرفوعاً : " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ، فإذا استغسل أحدكم فليغتسل " .
* حكم هذا الغسل :
الوجوب ، لأن الأمر للوجوب ما لم يصرفه صارف
قال ابن عبد البر في شرحه لحديث مالك السابق : ( وفيه أن العائن يؤمر
بالاغتسال للذي عانه ، ويجبر – عندي – على ذلك إن أباه لأن الأمر حقيقته
الوجوب ، ولا ينبغي لأحد أن يمنع أخاه ما ينتفع به أخوه ولا يضره هو ، ولا
سيما إذا كان بسبب ، وكان الجاني عليه ، فواجب على العائن الغسل ، والله
أعلم ) .
وقال الحافظ بان حجر في شرح قوله
: " وإذا استغسلتم فاغسلوا " ( وهي أمر العائن بالاغتسال عند طلب المعيون
منه ذلك ، ففيها إشارة إلى أن الاغتسال لذلك كان معلوماً بينهم ، فأمرهم أن
يمتنعوا منه إذا أريد منهم ، وأدنى ما في ذلك رفع الوهم الحاصل في ذلك ،
وظاهر الأمر الوجوب ، وحكى المازري فيه خلافاً ، وصحح الوجوب ، وقال : متى
خشي الهلاك ، وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء به فإنه يتعين ،
وقد تقرر أنه يجبر على بدل ذلك الطعام للمضطر وهذا أولى ) .
وقال القرطبي : ( العائن إذا أصاب بعينه ولم يبرّك فإنه يؤمر بالاغتسال
ويُجبر على ذلك إن أباه ، لأن الأمر على الوجوب ، لا سيما هذا ، فإنه قد
يخاف على المعين الهلاك ، ولا ينبغي لأحد أن يمنع ) .
* كيفية اغتسال العائن للمعيون :
خرجا حمد والنسائي وصححه ابن حبان من طريق الزهري عن أبي أمامه بن سهل بن حنيف " أن أباه حدثه أن النبي
خرج وساروا معه نحو ماء ، حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة ، اغتسل
سهل بن جنيف _ وكان أبيض حسن الجسم والجلد – فنظر إليه عامر بن ربيعه فقال :
ما رأيت كاليوم ولا جلد مخباة ، فلبط – أي صُرع وزناً ومعنى – سهل بين
حنيفة ، فأتى رسول الله
فقال : هل تتهمون به من أحد ؟ قالوا : عامر بن ربيعه .. فدعا عامراً فتغيظ
عليه ، فقال : علام يقتل أحدكم أخاه ؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت ؟ ثم
قال : اغتسل له ، فغسل وجهه ويديه ، ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة
إزاره في قدح ، ثم يصب ذلك الماء عليه رجل من خلفه على رأسه وظهره ، ثم
يكفأ القدح ، ففعل به ذلك ، فراح سهل مع الناس ليس به بأس " .
قال المازري : المراد بداخلة الإزار الطرف المتدلي الذي يلي حقوه الأيمن .. قال : فظن بعضهم كناية عن الفرج .
وقال ابن القيم تحت عنوان " رفع الضرر بالغسل " : ومنها أن يؤمر العائن
بغسل مغابنه وأطرافه ، وداخلة إزاره ، وفيه قولان أحدهما : أنه فرجه .
والثاني : أنه طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده من الجانب الأيمن ، ثم يصب
على رأس المعين من خلفه بغتة ، وهذا مما لايناله علاج الأطباء ، ولا ينتفع
به من أنكره ، أو سخر منه ، أو شك فيه ، أو فعله مجرباً لا يعتقد أن ذلك
ينفعه .
أولاً : الحكمة والعلة في اغتسال العائن للمعيون بهذه الكيفية :
قال ابن القيم : ( فاعلم أن ترياق سم الحية في لحمها ، وأن علاج تأثير
النفس الغضبية في تسكين غضبها وإطفاء ناره بوضع يدك عليه والمسح عليه
وتسكين غضبه ، وذلك بمنزلة رجل معه شعلة من نار ، وقد اراد أن يقذفك بها ،
فصببت عليها الماء وهي في يده حتى طفئت ، وذلك أمر العائن أن يقول : اللهم
بارك عليه .. دفع تلك الكيفية الخبيثة بالدعاء الذي هو إحسان الى المعين ،
فإن دواء الشيء بضده ، ولما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع
الرقيقة من الجسد ، لأنها تطلب النفوذ فلا تجد أرق من المغابن وداخلة
الإزار ، ولا سيما إن كان كناية عن الفرج ، فإذا غسلت بالماء بطل تأثيرها
وعملها ، وأيضاً فهذه المواضع للأرواح الشيطانية بها اختصاص ، والمقصود أن
غسلها بالماء يطفئ تلك النارية ، ويذهب بتلك السمية ، وفيه أمر آخر ، وهو
وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق المواضع وأسرعها تنفيذاً ) .
ثانياً : العلاج بالرقى والتعاويذ النبوية :
إذا لم يعرف العائن ولم يتمكن المعيون ولا غيره من تحديده وتعيينه ، يعالج
المعين بالرقى والتعاويذ النبوية ، فهي أنجع علاج وأفضل دواء لذلك .
لقد أمر النبي بالاسترقاء من العين .
فقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " أمرني النبي – أو أمر أن يسترقى من العين "
وصح عن أم سلمة أن النبي رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة ، فقال : " استرقوا لها فإن بها النظرة " .
وعن اسماء بنت عميس قالت : يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين ، أفأسترقي لهم ؟ قال : نعم .
ومن الرقى النافعة بجانب ما سبق ذكره في التحرز من العين ما يأتي :
1) " أذهب البأس رب الناس ، أشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً " .
2) رقية جبريل لرسول الله : " باسم الله أرقيك ، من كل داء يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك ، باسم الله ارقيك " .
3) " اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، عليك توكلت ، وأنت رب العرش العظيم ،
ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، أعلم أن
الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ، وأحصى كل شيء
عدداً ، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ، وشر الشيطان وشركه ، ومن شر كل
دابة أنت آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم " .
4) " تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء ، واعتصمت بربي ،
ورب كل شيء وتوكلت على الحي الذي لا يموت ، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة
إلا بالله ، حسبي الله ونعم الوكيل ، حسبي الرب من العباد ، حسبي الخالق من
المخلوق ، حسبي الرازق من المرزوق ، حسبي الله هو حسبي ، حسبي الذي بيده
ملكوت كل شيء ، وهو يجير ولا يجار عليه ، حسبي الله وكفى ، سمع الله لمن
دعا ، وليس وراء الله مرمى ، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب
العرش العظيم " .
وبالجملة فيجوز الاسترقاء بما سوى ذلك إذا توفرت في الرقية هذه الشروط :
1) إذا خلت من الشرك .
2) إذا كانت باللسان العربي .
3) إذا كانت بكلام معلوم مفهوم .
* الاستشفاء والاسترقاء بالقرآن :
القرآن فيه شفاء من كل الأدواء الحسية والمعنوية ، فيجوز الاستشفاء
والاسترقاء به .. وللناس في الاستشفاء بالقرآن طرق عدة ، منها ما هو متفق
عليه ، ومنها ما هو مختلف فيه ومنها ما هو ممنوع .
فمن المتفق عليه بين أهل العلم :
1) قراءة شيء من القرآن ثم النفث في اليد أو اليدين ومسح العضو المصاب وغير المصاب بهما .
2) قراءة شيء من القرآن ثم النفث في سائل كالزيت والماء واللبن ونحوهما ، وشربه والتمسح به .
ومن المختلف فيه :
كتابة شيء من القرآن وتعليقه على بدن المريض أو المصاب بعد نزول البلاء ،
فمن أهل العلم من أجاز ذلك ، منهم مالك ، ومنهم من منع منه لأنه لم يؤثر عن
النبي
ولا أحد من خلفائه ، وإن أثر عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه كان يُعلّم
من عقل من أبنائه : " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل
عين لامة " .. ومن لم يعقل منهم كتبها وعلقها عليه .
ومـن الـممـنـوع :
1) كتابة شيء من القرآن في إناء ثم غسله وسقيه للمريض ، حيث لم يصح في ذلك شيء عن رسول الله ولا صحبه الكرام .
2) كتابة شيء من القرآن في ورقة " بخرة " ثم حرق ذلك بالنار واستنشاق
المريض لهذا الدخان ، وهذه الطريقة أقبح من سابقتها ولا يحل استعمالها .
قال ابن القيم رحمه الله : ( ورأى جماعة من السلف أن يكتب له – أي للمعيون –
الآيات من القرآن ، ثم يشربها ، قال مجاهد : لا بأس إن يكتب القرآن ويغسله
ويسقيه المريض ، ومثله عن أبي قلابة ، ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب
لامرأة يعسر عليها ولادها آيتان من القرآن ، يغسل ويسقى ، وقال أيوب
السختياني : ( رأيت ابا قلابة كتب كتاباً من القرآن ، ثم غسله بماء وسقاه
رجلاً كان به وجع ) .
قلت : قول الصحابي وعمله حجة إذا لم يخالفه غيره ، أما إذا خالفه غيره من
الصحابة فقوله ليس بحجة ، وقد خالف ذلك ابن مسعود وغيره من الصحابة رضوان
الله عليهم ، وإجابة الدعاء والشفاء من المرض ليس دليلاً على صحة الرقية
إذا لم يكن لها مستند في الشرع .
سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية
عن كتابة شيء من القرآن في لوح أو إناء وغسله وشربه رجاء شفاء أو علم أو
كسب ، فقالت : ( أذن النبي
في الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية ما لم تكن شركاً أو كلاماً لا يفهم
معناه ، لما روى مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك قال : " كنا نرقي في
الجاهلية ، فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعرضوا عليّ
رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شرك " .
وقد أجمع العلماء على جواز الرقى إذا كانت على الوجه المذكور آنفاً مع
اعتقاد أنه سبب لا تأثير له إلا بتقدير الله تعالى ، أما تعليق شيء بالعنق
أو ربطه بأي عضو من أعضاء الشخص ، فإن كان من غير القرآن فهو محرم ، بل شرك
، لما رواه أحمد في مسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي
رأى رجلاً في يده حلقة من صُفر ، فقال : ما هذا ؟ قال : من الواهنة ..
فقال : انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً ، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت
أبداً .
وما رواه عن عقبة بن عامر عنه
قال : " من تعلق بتميمة فلا أتم الله له ، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له "
، وفي رواية لأحمد أيضاً : " من تعلق تميمة فقد أشرك " وما رواه أحمد وأبو
داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " .
وإن كان ما علقه من آيات القرآن فالصحيح أنه ممنوع أيضاً لثلاثة أمور :
الأول : عموم أحاديث النهي عن تعليق التمائم ، ولا مخصص لها .
الثاني : سد الذريعة فإنه يفضي إلىتعليق ما ليس كذلك .
الثالث : أن ما علق من ذلك يكون عرضة للامتهان بحمله معه في حال قضاء الحاجة ، والاستنجاء ، والجماع ، ونحو ذلك .
وأما كتابة سورة أو آيات من القرآن في لوح أو طبق أو قرطاس ، وغسله بماء أو
زعفران أو غيرهما ، وشرب تلك الغسلة رجاء البركة ، أو استفادة علم أو كسب
مال ، أو صحة أو عافية ، ونحو ذلك ، فلم يثبت عن النبي
أنه فعله لنفسه أو غيره ، ولا أنه أذن فيه لأحد من أصحابه ، أو رخّص فيه
لأمته ، مع وجود الدواعي التي تدعو إلى ذلك ، ولم يثبت في أثر صحيح فيما
علمنا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه فعل ذلك أو رخص فيه ، وعلى هذا
فالأولى تركه ، وأن يستغني عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن
وأسماء الله الحسنى وما صح من الأذكر والأدعية النبوية ونحوها ، مما يعرف
معناه ، ولا شائبة للشرك فيه ، وليتقرب إلى الله بما شرع رجاء التوبة ، وأن
يفرج الله كربته ، ويكشف غمته ، ويرزقه العلم النافع ، ففي ذلك الكفاية ،
ومن استغنى بما شرع الله أغناه الله عما سواه ، وبالله التوفيق ، وصلى الله
على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
* متى يجوز أخذ الأجرة على الرقية :
يجوز أخذ الأجرة على الرقية ، وإن كان احتسابها على الله أفضل وأنفع للراقي والمسترقي ، إذا توفرت فيها هذه الشروط :
1) أن تكون رقية شرعية ، وهي التي تتوفر فيها الشروط الآنفة الذكر .
2) أن يصح الانتفاع بها والشفاء بعدها .
3) أن لا يبالغ في الأجرة ويستغل حاجة المرضى ، فتشمله حرمة بيع المضطر ،
وليس في مبالغة أبي سعيد في الأجرة دليل لأحد في المبالغة ، لأن أبا سعيد
غضب من أهل ذلك الوادي لعدم اقرائهم لهم مع حاجتهم الماسة للاقراء ، ولو
أقروهم لما أخذ منهم شاة واحدة دعك عن مائة شاة ، فإنه اراد أن يعزرهم
ويؤدبهم على سوء صنيعهم معهم .. ( وقد تعجبت كثيراً عندما علمت أن بعض
الراقين يطلب في الجلسة الواحدة مائة ألف من الجنيهات ، اقتداء بالجشعين من
الأطباء الذين جعلوا هذه المهنة الإنسانية مصدراً للغنى السريع باستغلالهم
لحاجة الناس إليهم ، حيث لم ينصاعوا لقول نبيهم : " ارحموا من في الأرض
يرحمكم من في السماء " ، ولم يتأسوا بقول وفعل أبقراط الكافر ) .
4) أن لا يأخذ ذلك مقدماً .
قال ابن عبد البر رحمه الله : " وإذا كانت مباحة – أي الرقية – فجائز أخذ
البدل عليها ، وهذا إنما يكون إذا صح الانتفاع بها ، فكل ما لا ينتفع به
بيقين فأكل المال عليه باطل محرم " .
حكم الذهاب إلى السحرة والكهان والمتشعوذين :
لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يذهب إلى السحرة والكهنة والمشعوذين ، لنهي رسول الله
عن ذلك ، وهم كل من له علاقة بالشياطين والكواكب والسحر ، ويستعمل الرقى
الشركية ويمارس الحل والعقد ، وإن صلى وصام ، سواء كانت منتسباً إلى
الإسلام أو كافراً مشركاً ، لقوله عز وجل : " وما يعلمان من أحد حتى يقولا
إنما نحن فتنة فلا تكفر " . الآية
فمن ذهب إلى أحد من هؤلاء فصدقهم فيما يقولون فقد كفر بما أنزل على محمد ، لقوله فيما صح عنه : " من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " .
وإن ذهب ولم يصدقهم فيما يقولون لا تقبل له صلاة أربعين يوماً ، بخبر
الصادق المصدوق : " من أتىعرافاً فسأله عن شيء فصدقه ، لم تقبل له صلاة
أربعين يوماً " من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه ، لم تقبل له صلاة أربعين
يوماً " توفيقاً وجمعاً بين الحديثين .
ثالثاً : حكم العلاج بالنُشرة المحرمة :
تـعـريـف الـنُـشـرة :
قال ابن السعادات : النُشرة ضرب من العلاج والرقية يعالج به من كان يظن أن
به مساً من الجن ، سميت نُشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء ، أي
يكشف ويزال .
وقال ابن الجوزي : النُشرة حل السحر عن المسحور ، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر .
أنـواع الـنُـشـرة :
1) نشرة بالرقى والتعاويذ والدعوات المباحة ، فهذه جائزة ومشروعة .
2) نشرة محرمة ، وهي حل السحر بمثله ، أو العلاج بالسحر ، والاستعانة بالشياطين واستعمال الرقى الشركية .
بعد أن أجمع أهل العلم على جواز النُشرة الشرعية اختلفوا في حكم ذهاب
المضطر المسحور والمعيون ونحوهما ، الذين لم يجدوا من يعالجهم مما بهم من
أدواء على قولين ، فمنهم من أجاز الذهاب ، منهم سعيد بن المسيب ، ويُحمل
كلامه على ما لا يعلم أنه سحر ، ومنهم من منع ، منهم الحسن البصري .
قال ابن القيم رحمه الله : " النُشرة حل السحر من المسحور ، وهي نوعان : حل
بسحر مثله ، وهو الذي من عمل الشيطان ، وعليه يحمل قول الحسن ، فيتقرب
الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور .. والثاني
النُشرة بالرقية ، والتعوذات ، وأدوية مباحة ، فهذا جائز " .
ومما جاء في صفة النُشرة الجائزة ما روى ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ليث بن
أبي سليم قال : بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تعالى ،
تقرأ في إناء فيه ماء ، ثم يصب على رأس المسحور ، الآية التي في سورة يونس "
ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصح عمل المفسدين " إلى قوله
تعالى " ولو كره المجرمون " ، وقوله " فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون "
إلى آخر الآيات الأربع ، وقوله " إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث
أتى " .
وقال ابن بطال : في كتاب وهب بن منبه أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه
بين حجرين ، ثم يضربه بالماء ، ويقرأ فيه آية الكرسي والقواقل ، ثم يحسو
منه ثلاث حسوات ثم يغتسل به ، يذهب عنه كل ما به وهو جيد للرجل إذا حبس عن
أهله .
وقال : ومن الرقى التي ترد العين ، ما ذكر عن أبي عبدالله التناحي أنه كان
في بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارهة ، وكان في الرفقة رجل عائن
قلما نظر إلى شيء إلا أتلفه ، فقيل لأبي عبدالله : احفظ ناقتك من العائن ،
فقال : ليس له إلى ناقتي سبيل ، فأخبر العائن بقوله ، فتحين غيبة أبي
عبدالله فجاء إلى رحله فنظر إلى الناقة فاضطربت وسقطت ، فجاء أبو عبدالله
فأخبر أن العائن قد عانها ، وهي كما ترى ، فقال : دلوني عليه ، فدُل ، فوقف
عليه وقال : ( بسم الله ، حبس حابس ، وحجر يابس ، وشهاب قابس ، رددت عين
العائن عليه وعلى أحب الناس إليه ، " فارجع البصر هل ترى من فطور ، ثم ارجع
البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير " ) فخرجت حدقتا العائن ،
وقامت الناقة لا بأس بها .
روى ابن عبد البر بسنده إلى الأسود قال : سألت عائشة زوج النبي عن النُشرة ، فقالت : ما تصنعون بالنُشرة والفرات إلى جانبكم ، ينغمس فيه أحدكم سبع انغماسات إلى جانب الجرية .
وروي عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن الرجل يأبق له العبد أيؤخذه ؟ فقال سعيد : قد وخذنا فما رد علينا شيء ، أورد علينا شيئاً .
وروي عن ابن جريج قال : سألت عطاء بن أبي رباح عن النُشرة ، فكره نشرة الأطباء ، وأما شيء تصنعه أنت فلا بأس .
وعن سعيد المسيب في الرجل يؤخذ عن امرأته فيلتمس من يداويه ، قال إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع .
وقال أحمد : رخص فيه بعض الناس وما أدري ما هذا ؟
* نماذج لبعض العائنين والمعيونين :
العين ليست قاصرة على الحاسدين ، فقد يعين الرجل الصالح إذا أعجبه شيء ولم
يبرك من حيث لا يشعر ، قد يعين نفسه ، أو ولده ، أو ماله ، أو غيرهم .
قال ابن القيم : " وقد يعين الرجل نفسه ، وقد يعين بغير إرادته " .
وقال القرطبي : " إن الرجل الصالح قد يكون عائناً ، وأن هذا ليس من باب الصلاح ولا من باب الفسق في شيء " .
ولكن أغلب ضرر العائنين يأتي من الحاسدين الحاقدين ، وإليك هذه النماذج من الصالحين وغيرهم :
1) عامر بين ربيعة عان سهل بن حُنيف حتى سقط إلى الأرض رضي الله عنهما ، وقد مر .
2) سعد بن أبي وقاص عانته امرأة عندما خرج يوماً وهو أمير الكوفة ، فنظرت
إليه امرأة فقالت : إن أميركم هذا لأهضم الكشحين ، فرجع إلى منزله فوعك ،
ثم إنه بلغه ما قالت ، فأرسل إليها ، فغسلت له أطرافها ثم اغتسل به فذهب
ذلك عنه .. ( والكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف ، وهو من لدن السرة
إلى المتن وهو موقع السيف من المتقلد ، واهضم الكشحين أي دقيق الخصرين ) .
3) من العائنين المشهورين هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي ، فقد عان سالم
بن عبدالله بن عمر ، حكي المدائني عن الأصمعي قال : حج هشام بن عبد الملك
فأتى المدينة ، فدخل عليه سالم بن عبدالله بن عمر ، فلما خرج من عنده قال
هشام : ما رأيت أبن سبعين أحسن كدنة منه !! فلما صار سالم في منزله حُمّ ،
فقال : أترون أن الأحول لقعني بعينه ؟ .. فما خرج هشام من المدينة حتى صلى
عليه .
4) وذكر القاضي حسين من الشافعية أن نبياً من الأنبياء عليهم الصلاة
والسلام استكثر قومه ذات يوم فأمات الله تعالى منهم مائة ألف في ليلة واحدة
، فلما أصبح شكا إلى الله ذلك ، فقال الله تعالى له : إنك لما استكثرتهم
عنتهم فهلا حصنتهم ؟
5) وقال الدميري في حياة ال***** له : رأيت بخط بعض العلماء المتقدمين من
المبرزين أنه كان بخرسان رجل عائن ، فجلس يوماً إلى جماعة فمر بهم قطار
جمال ، فقال العائن من أي جمل تريدون أن أطعمكم من لحمه ؟ فأشاروا إلى جمل
من أحسنها ، فنظر إليه العائن فوقع الجمل لساعته .
6) وروى ابن عبد البر بسنده إلى سحيم بن نوفل قال : كنا عند عبدالله نعرض
المصاحف فجاءت جارية اعرابية إلى رجل منا فقالت : إن فلاناً قد لقع مهرك
بعينه فهو يدور في فلك ، لا يأكل ولا يشرب ولا يبول ولا يروث ، فالتمس له
راقياً ، فقال عبدالله : لا تلتمس له راقياً ، ولكن ائته فانفخ في منخره
الأيمن أربعاً ، وفي الأيسر ثلاثاً ، وقل : لا بأس ، أذهب البأس رب الناس ،
اشف أنت الشافي ، لا يكشف الضر إلا أنت ، فقام الرجل فانطلق ، فما رحنا
حتى رجع فقال لعبدالله : الذي أمرتني به ، فما رحت حتى أكل وشرب وبال وراث
..
7) وقال ابن عبد البر : روينا عن الأصمعي أنه قال : رأيت رجلاً عيوناً ،
سمع بقرة تحلب فأعجبه صوت شخبها ، فقال : أيتهن هذه ؟ قالوا : الفلانية ،
لبقرة أخرى يورُّون عنها ، فهلكتا جميعاً ، المورّى بها والمروّى عنها ..
وقال الأصمعي : وسمعته يقول : إذا رأيت الشيء يعجبني وجدت حرارة تخرج من
عيني .
وقال الأصمعي : وكان عندنا رجلان يعينان الناس ، فمر أحدهما بحوض من
حجارة ، فقال : تالله ما رأيت كاليوم قط ، فطار الحوض فرقتين ، فأخذه أهله
فصبوه بالحديد ، فمر عليه ثانية ، فقال : وأبيك لعل ما أضررت أهلك فيك ،
فتطاير أربع فرق .
9) قال : وأما الاخر فسمع صوت بول من وراء حائط ، فقال : إنه لبن الشخب ،
فقالوا : إنه فلان ، ابنك .. فقال : وانقطاع ظهراه ، قالوا : إنه لا بأس
عليه ، قال : لا يبول بعدها أبداً .. فما بال حتى مات .
* الحجر على من عُرف بالإصابة بالعين من مداخلة الناس :
ذهب أهل العلم في ذلك مذهبين :
1) يحجر عليه ويمنع من مداخلة الناس ، ويمنع من شهود الجمع والجماعات ، وينفق عليه من بيت المال إن كان فقيراً .
2) لا يحجر عليه .
قال القرطبي : " من عُرف بالإصابة بالعين منُع من مداخلة الناس دفعاً لضرره
، وقد قال بعض العلماء : يأمره الإمام بلزوم بيته ، وإن كان فقيراً رزقه
ما يقوم به ، ويكف أذاه عن الناس ، وقيل إن ينفى ، وحديث مالك الذي ذكرناه
يرد هذه الأقوال ، فإنه عليه السلام لم يأمر في عامر بحبس ولا بنفي ، بل قد
يكون الرجل الصالح عائناً ، ولا يقدح فيه ولا يفسق به ، ومن قال يحبس
ويؤمر بلزوم بيته ، فذلك احتياط ودفع ضرر ، والله أعلم " .
وقال ابن مفلح : " وللإمام حبس العائن ، ذكره في " الترغيب " وفي " الرعاية
" من عُرف بأذى الناس حتى بعينه ولم يكف ، حُبس حتى يموت ، فظاهرة يجب أو
يستحب لما فيه من المصلحة وكف الأذى ، ونفقته من بيت المال ، لكن النبي لم يحبسه ، وفي " الأحكام السلطانية " ( للوالي فعله ليدفع ضرره لا للقاضي ) .
قال القاضي عياض : " ينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس ، ويأمره بلزوم
بيته ، ويرزقه إن كان فقيراً ، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل الذي
منعه النبي
دخول المسجد ، ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر والعلماء بعدم الاختلاط
بالناس ، ومن ضرر المؤذيات من المواشي التي يمر بتغريبها ، بحيث لا يتأذى
بها أحد ..
قال أبو زكريا النووي : ( هذا صحيح متعين لا يعرف من غيره تصريح بخلافه ) .
من ثبت أنه قتل بعينه هل يقتاد منه ويقتص أم لا ؟
الراجح أنه لا قود عليه ولا دية ولا كفارة ، والله أعلم .
قال الدميري الشافعي : " العائن إذا اعترف أنه قتل غيره بالعين فلا قود
عليه ولا ديه ولا كفارة ، وإن كانت العين حقاً ، لأنه لا يفضي إلى القتل
غالباً ، ويندب للعائن أن يدعو له بالبركة " .
وأخيراً نسأل الله أن يحمينا ويحمي المسلمين من كل شر إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
drani12- مشرف قسم الطب النبوي
- عدد المساهمات : 13
تاريخ التسجيل : 28/05/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 19 سبتمبر 2020 - 15:12 من طرف Admin
» عالم البحار sea world life
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 8:30 من طرف Admin
» الحياة في البرية
الأربعاء 2 سبتمبر 2020 - 8:12 من طرف Admin
» جولة في النرويج
الثلاثاء 1 سبتمبر 2020 - 19:17 من طرف Admin
» جولة في اسطمبول
الثلاثاء 25 أغسطس 2020 - 12:09 من طرف Admin
» أكواريوم aquarium
السبت 22 أغسطس 2020 - 16:54 من طرف Admin
» سورة الملك
الخميس 6 أغسطس 2020 - 19:27 من طرف Admin
» الحكم على دنيا باطما بالسجن في قضية حمزة مون بيبي اليوم
الأربعاء 29 يوليو 2020 - 20:35 من طرف Admin
» منع السفر من و إلى عدة مدن مغربية قبل عيد الأضحى بسبب كورونا
الأحد 26 يوليو 2020 - 20:35 من طرف Admin