دروس وعبر من الحج

الحمد لله رب العالمين ، خلق الخلق لعبادته ، وأمرهم بتوحيده وطاعته ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وسلم تسليماً كثيراً ... أما بعد :
فاتقوا الله أيها الناس :
واعلموا أن الله خلقكم لعبادته كما قال ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وأمر جميع الخلق بعبادته فقال ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم )
عباد الله :
لقد مضت أيام فاضلة ، هي أيام العشر من ذي الحجة وأيام التشريق .
فمنا من صام ، ومنا من حج ، ومنا من له أعمال صالحة هو أدرى بها
والآن : وبعد انتهاء تلك الأيام ، لا نملك إلا دعاء الله تعالى بأن يتقبلها منا ، وأن يكتب لنا بها الأجر والمثوبة ، ويعفوا عن الخطأ والزلل إنه سميع قريب مجيب
لقد انتهى الحج ، ولن نذكر تفاصيل بدايته ونهايته ، ولكن إنما هي وقفات مع هذا النسك العظيم الذي تجلت فيه عبادة الله تعالى .
الوقفة الأولى : بيت الله الحرام .
ذلك البيت العظيم الذي أمر الله بتطهيره فقال ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ) .
نعم : إنه أمر الله تعالى بتطهير ذلك البيت وتنظيفه من كل النجاسات ، وأعظم النجاسات : الإشراك بالله ، وأعظم النجوس هم المشركون .
فأما النجاسات : فقد كانت حول الكعبة ثلاثمائة وستين صنماً جعل النبي صلى الله عليه وسلم يطعنها بقضيب معه في يده ويقول ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً ) وذلك حين فتح مكة .
وأما النجوس : فقال الله فيهم ( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) فحرام على المشركين أنه يد خلوا مكة المكرمة .
كل ذلك لماذا ؟
لأن البيت الحرام قبلة المسلمين ، وإليه حجهم وعمرتهم ، يأتون إليه من كل فج عميق .
فيجب أن يُبعَد عنه الشرك والمشركين ، وأهل البدع والخرافات ، حتى يظل مصدراً صافياً للإخلاص لله بالتوحيد وإفراده بالعبادة ، والله يقول ( وأتموا الحج والعمرة لله ) فكل حج وعمرة لله ، لا للناس ولا للهوى ولا للتنزه بل هي عبادة لله .
الوقفة الثانية :
الدعاء الذي كان يردده الناس يوم عرفة .
إنه أعظم الدعاء ، إنه أفضل الدعاء ، إنها كلمة لا إله إلا الله .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )
إنه مظهر من مظاهر العبادة عظيم
كل الناس ، كل الحجيج يقولون لا إله إلا الله ، إنه إعلان للعالم كله أننا نعبد إلها واحداً هو الله ، فافعلوا وكيدوا وخططوا ما شئتم ، فهذا ديننا نعتز به ، ونرفع به رؤوسنا ، إنه لا إله إلا الله .
الوقفة الثالثة : الطواف بالبيت
سبعة أشواط هي من أركان الحج يجب على الحجاج الإتيان بها ، ولكن من الذي أمر بذلك ؟
إنه الله القائل ( وليطفوا بالبيت العتيق ) .
وهل الطواف خاص بالبيت الحرام ؟ نعم : إنه خاص بالبيت الحرام .
فمن الشرك بالله : الطواف حول الأضرحة والقبور والأشجار والأحجار إذا كان بقصد العبادة لها .
الوقفة الرابعة : استلام الحجر الأسود والركن اليماني .
لقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، فنحن نفعله اقتداءً به ، ولذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قبَّل الحجر الأسود وسلَّم عليه قال : والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك 0
إذن ليُعلم : أن من الإشراك بالله أن يقبِّل الإنسان أو يتمسح بالأبنية والأحجار والأضرحة والقبور أو يحثوا بتراب القبر على رأسه أو يضع الأطعمة والأشربة على القبور معتقدا أنها تملك نفعا أو ضرا 0
وسواء فى ذلك قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر أبي بكر أو قبر عمر أو قبر حمزة أو قبر السيد علي أو قبر السيد الحسين أو قبر البدوي أو قبر العيدروس أو قبر الجيلاني أو غيرها فكل ذلك شرك بالله تعالى .
الوقفة الخامسة : مع الركعتين بعد الطواف .
من السنة : أن يطوف المسلم بالبيت الحرام ثم يركع ركعتين خلف مقام إبراهيم ، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة ( قل يا أيها الكافرون ) ويقرأ في الركعة الثانية الفاتحة وسورة ( قل هو الله أحد )
ففي سورة الكافرون : يتبرأ من المشركين ومن دينهم ويفرد الله بالعبادة ، وفي سورة الإخلاص : إفراد الله بصفات الكمال وتنزيهه عن صفات النقص ، وبهذا يعبد المسلم رباً واحداً لا شبيه ولا نظير له .
الوقفة السادسة : مع أيام منى : أيام التشريق .
قال الله تعالى ( واذكروا الله في أيام معدودات ) .
إنها أيام منى يحيي فيها المسلم ذكر الله تعالى بمثل :
رمي الجمار والحلق والتقصير والطواف والذبح وأداء الصلاة وغير ذلك .
ووقفة مع الذبح ، قال الله تعالى :
( ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) وقال ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف ) .
لقد أمر الله بأن نذكره عند الذبح فنقول بسم الله ، وهي ذبيحة متقبلة إن شاء الله لأنه ذبحها لله ، فماذا يقول من ذبح لقبر أو ولي أو شيخ أو جني أو عفريت أو ساحر أو كاهن ؟ هل ذبيحتهم لله ؟
إنها شرك بالله تعالى والله يقول ( فصل لربك وانحر ) أي اذبح لربك كما تصلي لربك .
أيها المسلمون :
وحدوا الله ، وأفردوه بالعبادة ، فإن إبراهيم عليه السلام خاف على نفسه وعلى أولاده من الشرك فقال واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) فنحن أحق بالخوف من إبراهيم
اللهم تقبل منا صيامنا وصلاتنا ودعاءنا وحجنا وعمرتنا وسائر أعمالنا الصالحة إنك سميع قريب مجيب الدعاء .
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لى ولكم



الخطبة الثانية

الحمد لله الهادي إلى سواء السبيل
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
واشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ... أما بعد :
فأما الوقفة السابعة :
فقد قال الشيخ / صالح الفوزان حفظه الله : إن الله تعالى أمر بذكره أثناء أداء مناسكه وبعد الفراغ منه ، ونهى عن المفاخرة بالأحساب والأنساب .
قال الله تعالى ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ، فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له فى الآخرة من خلاق ، ومنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ،أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب ) انتهى كلامه حفظه الله .
فالحج يا عباد الله : ليس مجرد رحلة استطلاعية ، أو ترفيهية أو مجرد مظاهر وشعارات ، بل ينبغي للمسلم أن يستفيد منه ويتعلم العقيدة الصحيحة سواء فى ذلك من حج أو لم يحج .
أيها المسلمون :
كلمة أخيرة أختم بها الحديث عن تلك الأيام الفاضلة فأقول :
إن منا من صام عرفة وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر خطايا سنتين .
ومنا من له حسنات عملها في العشر من ذي الحجة وقد قال الله ( إن الحسنات يذهبن السيئات) .
ومنا من حج ، ومن كان حجه مبروراً فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )
إن من تحقق له شيء من ذلك فقد بريء من كثير من ذنوبه وخطاياه ، فكتابه صفحة بيضاء نقية ، فلا ينبغي له أن يدنسها بعد ذلك بالخطايا والمعاصي .
ويا سعادة من جاء يوم القيامة بصحيفة مليئة بالحسنات والأعمال الصالحة ، نظيفة من كل ذنب وخطيئة .
اللهم اختم بالصالحات أعمالنا ، وبالخيرات آجالنا ، وأعتق رقابنا من النار يا رب العالمين .

بارك الله فيك يا اخي موضوع متكامل

يااااااااا رب اكتبلي حجة هذه السنة