وجوه الإستحسان العصرية للإحتفال بمولد خير البرية

قد نعذر الذين يحرمون الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم , لعدم وجود نصوص تدعو إليه , ولم يثبت عن أحد من الصحابة فعل ذلك . بل نتفق معهم تماما , عندما يتعلق الأمر بتحريم وتبديع بعض مظاهر هذا الإحتفال , عند جمهور عريض من أبناء هذه الأمة , خاصة عند إخواننا المتصوفة الذين أحدثوا في هذه الذكرى العطرة سلوكات وأفعال وحركات لاتمث إلى الدين بصلة , ولا يقبلها طبع المسلم الحقيقي , ولا تتفق مع عقيدته وشريعته , وأقصد ما أحدث من بدع الأذكار التي تمجد النبي أكثر من تمجيد الله تعالى , وتضفي عليه صبغة القدسية المطلقة , وتطريه كما أطرت النصارى المسيح بن مريم ( مثل : عين الوجود _ منبع الجود ... ), وكذلك ما يصاحب هذه الأذكار من حضرة وصراخ , ومن ذلك ما يردده القوم في هذه المناسبة العظيمة من أمداح تغالي في الإطراء , وتوجه نداء الإستغاتة إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وتمنحه بذلك مكانة لطالما حذر الرسول صحابته من إعتقادها . نذكر على سبيل المثال , ما جاء في قصيدة البردة على صاحبها أطيب الرحمات من الإعتقاد المغالى فيه , وذلك في أبيات قليلة جدا بالنظر إلى الفضل العظيم والخير الوفير والثناء الكبير الذي حازت عليه هذه البردة من قبل أمة الإسلام قديما وحديثا . من ذلك قوله : يا أكرم الخلق مالي ألوذ به & سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن في معاذي آخذا بيدي & فضلا وإلا فقل : يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها & ومن علومك علم اللوح والقلم وهذا طبعا تناقضه أقوال وأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأين هذا من قوله صلى الله عليه وسلم " إذا سألت فاسأل الله وإذا إستعنت فاستعن بالله .... وأين هذا من قوله صلى الله عليه وسلم مما رواه البخاري " يا فاطمة بنت محمد , سليني ما شئت من مالي , لا أغني عنك من الله شيئا " وقد حذر رسول الله مما وقع فيه النصارى وغيرهم من رفع منزلة أنبياءهم لدرجت تأليههم فقال صلى الله عليه وسلم " ياأيها الناس قولوا بقولكم , ولايستهوينكم الشيطان , أنا محمد رسول الله ¸عبدالله ورسوله , ما أحب ان ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل " ( المسند 241/ 3 ) أما الإحتفال الذي ندعو إليه , ونعتقد أنه سنة حسنة يجب أن نربي عليها أجيالنا وشبابنا , فهو ما خلا تماما من هذه السلوكات المشينة , والحركات المستهجنة , بل فيه فرص كبيرة لابد أن يستغلها الدعاة والمربون , ونحمد الله أن جميع مكونات الأمة الإسلامية من جمعيات وأحزاب وحكومات لازالت تهتم بهذه الذكرى وتمجدها , فهذا يساعدنا على تثبيت قيم الوحدة والإتفاق بين شعوب الأمة الإسلامية التي تكالبت عليها الأمم المستكبرة , وإتفقت على تمزيقها . الأمر الثاني المستحسن في هذا العصر للإحتفال بهذه الذكرى , هو جعله مناسبة لتأكيد العهد على نصرة الدين والدفاع على قيمه وشريعته , وذلك ببيان منزلة رسول الله وفضله وشمائله و أخلاقه التي تكلم بها العدو قبل الصديق , ولا يهمنا ما يقوله بعض المغرضين والمشككين في سيرته العطرة , ولا تهمنا تلك الرسوم التي تستهزئ بأفضل بني آدم , فلا يخلو زمان من هؤلاء , بل في ظهور ذلك إشارة قوية وتحذير صريح , على ظعفنا وتهاوننا في نصرته , وإبتعادنا عن دينه وشريعته . الأمر الثالث هو أنه فرصة لإحياء سنة دراسة سيرته المباركة , لتكون طيلة الأيام وليس في يوم أو يومين , فكثير من شبابنا لايعلم قيمة دراسة سيرة الحبيب المصطفى , ولايعلمون أنه بالإضافة إلى معرفة مجريات حياته , وما صاحبها من أحداث تلخص أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وتحركاته من ولادته إلى وفاته , فإنه يتبرك ببركتها , ويتقرب إلى صاحبها , ويتلمس فضائلها , ويقطف من شجرتها ثمرة المحبة التي هي رجاء كل مسلم , فقد كان السلف الصالح يقولون “ كنا نتعلم مغازي النبي كما كنا تعلم السورة من القرآن “ وقال علي بن الحسن “ تعلم السيرة عبادة " الأمر الرابع من وجوه الإستحسان , جعل هذه الذكرى مناسبة لإلهام الكتاب الشباب على الإبداع في إعادة كتابة السيرة بأساليبهم العصرية , وتجلياتهم الأدبية , وذلك عن طريق تشجيعهم على الكتابة المتخصصة ,وتنظيم مسابقات أو جوائز تحفيزية لأحسن الكتابات وأجودها . ولا أظن أن يوجد عالم ينكر استحسان هذه الوجوه الأربعة , وإن كانت مخصصة للإحتفال بمولد الحبيب المصطفى , بل من كان يريد الخير لهذا الدين من العلماء الربانيين , سيفتي بترغيب الناس في هذه الأعمال , واستحسان إحتفالهم بمولد النبي العدنان ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من سَنَّ فِي الإسلام سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِها بعْدَهُ كُتِب لَه مثْلُ أَجْر من عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، ومَنْ سَنَّ فِي الإسلام سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وزر من عَمِلَ بِهَا لا ينقص من أوزارهم شيء" رواه مسلم

بارك الله فيك اخي الفاضل
للفقهاء اراء متضاربةبين مؤيد ومعارض حول مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي
يا ريت لو ان الاحتفال بعيد المولد النبوي يكون
فرصة لتدارس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم
فالكثير من الشباب لا يعلمون عن نبيهم الا الاسم فقط وان لا يكون هذا الاحتفال
مجرد غلو وحركات مستهجنة كمايفعل البعض
ممن عهدناهم في مجتمعنا