تحذيرومواساة للمعطلين من ذوي الشهاداتأولا: سأبدأ بمواساة إخواني المعطلين الذين يطالبون بعمل يسدون به

أولا: سأبدأ بمواساة إخواني المعطلين الذين يطالبون بعمل يسدون به حاجتهم ويحفظون به ماء وجههم .إلى الذين يؤمنون بالله الرازق ربا لارازق سواه. إلى من كدوا وإجتهدوا طوال حياتهم الدراسية , وأرادوا جني ثمار جهودهم ومثابرتهم .إلى من أعيتهم البطالة , وأكلت من وقتهم العطالة . خطابي هذا نابع من تجربة مماثلة , ذقت فيها ما تذوقون , وعانيت فيها ما تعانون , ورابطت من أجلها في الرباط سنوات كما ترابطون . كنت منتميا إلى أسرة متوسطة الحال , لكنها ساعدتني بتشجيعها وتفهمها , لقد قدم والدي لي الكثير , لأنهما ربياني وسهرا على تعليمي , حتى حصلت على أعلى الشهادات , وكان دعاءهما يصاحبني في حلي وترحالي . واستطاعا أن يمنعا عني نار اليأس والإحباط بعد تخرجي واصتدامي بواقع البطالة المرة ,وذلك بتذكيري بالله وبالرزق المكفول منه تعالى . كنت على يقين بأن الله سيرزقني الوظيفة لكن لم أكن أعرف كيف ومتى سيحصل ذلك , لذلك استسلمت لقدري وانكببت على بحثي الذي سجلته لأنال شهادة الدكتوراه , وكم راودني أصدقاء لي على الإنضمام لمجموعتهم للمطالبة بالشغل , فشهادة الدراسات العليا المعمقة , تؤهلنا للحصول على وظيفة وإدماجنا في السلاليم العليا , لكني إخترت الإشتغال بما هو لي , وتركت ما هو بيد الله , فالبحث لن ينجزه غيري أما الوظيفة الآن فقد أصبحت بيد الله , وأسبابها قد أنجزت , حيث طرقت كل أبواب الوزارات , وأودعت فيها ملفاتي وشهاداتي . مرت سنوات وأنا أطوف بين الكليات والمكتبات , بين الخزانة العامة والمراكز الثقافية , خدمت بحثي بكل تفاني , أفنيت فيه جزء من عمري دون شكوى أو تذمر , بل أحببت تعبي فيه , وكنت أفرح عندما أصل إلى شيء يخص بحثي , وأبتهج عندما أجد كتابا يفيدني , أو عالما يرشدني . حصلت على شهادة الدكتوراه , وسررت بها , كما سررت أكثر بالفرح والإفتخار الذي شعر به والدي , وهذه نعمة أمدني الله بها بعد جهد وتعب . لكن لم تدم هذه النعمة طويلا حتى اصتدمت بواقع مرير , يتلخص في شعوري بالفراغ , والمعانات من إنتظار الشغل , وأزمة تقدم السن , والخوف من مصير ليس بملكي , ومستقبل ليس بيدي . كنت أنتظر الفرج , لعل إحدى الوزارات تقبل توظيفي , خاصة وأنني اليوم دكتور , بل وحصلت على ميزة عالية جدا , لكن لا خبر , ولا أحد إلي نظر , وما كان علي إلا أن انتظر ثم أنتظر ثم أنتظر ... إنتظرت فعلا لكن هذا الرزق المنتظر لم يأت , فعرفت حينها أن في الأمر حكمة , لعله ابتلاء فالله تعالى يقول ( وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها , وإن تصبهم سيئة بما كسبت أيديهم إذا هم يقنطون . أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) الروم36 لم تسعفني آمالي لكي أضل في راحة وسعة الصدر واطمئنان نفس وأنا أخوض حربا دروس مع البطالة وقلة ذات اليد , خاصة عندما أمد يدي لألتقط مالا يجود به والدي أو بعض أفراد أسرتي يرثون لمظهري السيء وحالي البئيس , وكنت كلما توجهت لقضاء مآربي , والقيام ببعض واجباتي الإدارية أو الإجتماعية أو حتى التطوعية , أواجه بمنطق الامبالات , والنظرة الدونية , والسبب لأنني بدون عمل , ولا يهم عندهم إن كنت من ذوي الشهادات العليا أو حاصلا على الدكتوراه , فانا لاشيء مادمت لا أملك وظيفة . صبرت إخواني وصابرت , تلقيت الضربة تلو الضربة لكني ما يئست ولا اندحرت , كان السن يتقدم كما تقدم بكثير من إخواني الدكاترة , فما استكنا إلى القنوط , وما ارتكبنا الحماقات , بل وجهنا أكفنا إلى الباري تعالى ليفرج الكروب , ويريح القلوب , لا أنكر أننا مررنا بلحظات الظعف النفسي , والإحباط المعنوي , لكن واجهناهما بقوة اليقين , والفكر الرزين . كان نزولنا إلى شوارع الرباط للتعبير عن مطالبنا المشروعة , واعتبرنا أن نضالنا من أجل الشغل , يدخل في الأسباب المشروعة التي لا تتعدى كونها أسباب ,لا موجبات للشغل . لقد كان منا من يختار وسائل متطرفة للنضال , لا ترضي الله , ولا يقبلها طبع المسلم المسالم , لكننا كنا نوجهه بالموعظة الحسنة , ونثبته بالحجة والبينة . وعندما أراد الله أن ينعم علينا , ويرفع عنا الحيف والظلم , ويوقف عنا نزيف البطالة والقهر , يسر أسباب التوظيف , وأصبحت تحركات المسئولين تسير في اتجاه تشغيلنا , وفي زمن قصير أصبح كل المناضلين يملكون عملا قد يرضي البعض وقد لا يرضي آخرين , المهم كانت قفزة من البطالة إلى العمل ومن ضعف الحال إلى حسنه , ومن ذل العطالة ومهانة الحالة إلى عزة النفس وكرامة الشخص , وكل ذلك بفضل الله ورحمته لا بشهاداتنا ونضالاتنا . قال تعالى ( أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) . ثانيا : أما بخصوص تحذيري , فإني أقول لمن يمر بامتحان الصبر على المحن , ويمضي فترة حرجة من العمر , يمحص فيها إيمانه , ويختبر فيها يقينه في الله وفي قضاءه وقدره . لا يبلغ بكم الجهد في المطالبة بالحق إلى اليأس والقنوط من رحمة الله , فذلك استدراج من إبليس ليهلك بني آدم , وهو ضلال وكفر قال تعالى ( قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون ) الحجر 56 وقال تعالى إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) يوسف 87 . ولا يغرنكم ما يروج له أدعياء الفتنة ( أشخاص وجماعات وإعلام ومنظمات) فهؤلاء لا يعرفون لله شرعا , ولا يعرفون معنى لكثير من الحدود والضوابط والقيم التي جاء بها ديننا الحنيف , بل يشجعون على التمرد عليها , ويصفقون لمن أحرق نفسه , ويجعلون موته مطية لأغراضهم السياسية , والله بكيت وأنا أشاهد خبر وفاة أحد المتظاهرين , متأثرا بحروقه , وتاركا وراءه زوجة وبنتا يتحرقون شوقا إليه . في الوقت نفسه يستغل فيه البعض خبر الوفاة , ويخرجون للشارع يرفعون شعارات الإستشهاد واستمرار النضال , عوض أن يقفوا مع أنفسهم , ويراجعوا فكرهم ودينهم , ويبحثوا عن أسباب هذه الأزمات النفسية , وهذه الإختلالات الفكرية والمنهجية , لأناس محسوبين عليهم وعلى جماعتهم , التي كنت أظن أنها تربط أتباعها بالله أكثر من ربطهم بالدنيا ومتعها . كان الأجدر بكم أن تحموا هؤلاء الشباب من أنفسهم , أن تذكروهم بالله وبالرزق المكفول منه تعالى , أن تحذروهم من قتل النفس وإهلاكها بالنار, أن تلقنوهم تعاليم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم " إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب " أن ترهبوهم من فعل الإنتحار وقتل النفس لقوله عليه الصلاة والسلام :" من تردى من جبل فقتل نفسه ، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تحسى سما فقتل نفسه ، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا فيها أبدا ، ومن قتل نفسه بحديدة ، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " رواه البخاري , أن تعلموهم أن الله كرمهم , وجعل أجسادهم أمانة عندهم , لا يهلكها إلا هو سبحانه , ولا يميتها إلا هو في الوقت الذي يريد , وبالكيفية التي قدرها . أما كان الأجدر بكم أن تعلقوهم برب الأسباب لا بالأسباب , فجوارحنا تسعى لطلب الأسباب التي بها نرزق , أما قلوبنا فلا يجوز أن تسعى إليها , بل إلى الرزاق الذي تكفل به وحده . ألم يقل سبحانه ( وفي السماء رزقكم وما توعدون , فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ) الذاريات 22 فأقسم سبحانه على أن الرزق بيده , لأنه يعلم أن منا من سيضعف يقينه في ذلك . لقد حذر علي إبنه الحسين رضي الله عنهما من الحرص على المال وحده دون تقوى الله والخوف منه فقال : لاتجعلن المال كسبك مفردا & وتقى إلهك فاجعلن ما تكسب كفل الإله برزق كل برية & والمال عارية تجيء وتذهب والرزق أسرع من تلفت ناظر & سببا إلى الإنسان حين يسبب فاتقوا الله يا من يهدم ولا يبني , يا من يركب على معاناة الناس , يا من يدفع الشباب إلى الإنتحار , ليحوزوا بطولات وأمجاد , لقد أحرقتم قلوب الآباء والأمهات قبل أن تحرقوا الأجساد , هل ترضوا لأبنائكم هذا المصير , فلتعلموا أنه لا فضل ولا مجد ولا بطولة لمن قتل نفسه , ولا مكرمة ولا رحمة لمن أجاز ذلك أو دعا إليه تصريحا أو إشارة . ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة لمن أفتوا أعرابيا بالغسل من الجنابة وبه جرح غائر في رأسه , فاغتسل فمات , فقال الحبيب المصطفى : " قتلوه قتلهم الله " . . .وأنا أقول: قتلتموهم قتلكم الله...

فعلا اخي الكريم الشباب اليوم يعانون ظروفا صعبة جدا خصوصا حاملي الشهادات
ومن خلال ماجا ء في قصتك يبدو انك تجرعت من نفس الكاس لكن الفرق بينك وبين بعض الشباب ان لديك حس ايماني قوي يجعلك توكل امرك الى الله بعدما بلغت الاسباب وهذا هو المطلوب من الانسان المؤمن
والله المستعان